Profile Image

علوية أم مهدي

غلبتها

بقلم: علوية أم مهدي كانت معركة مصيرية، تجاوزت فيها أحلام مرحلة الطاعة مع نفسها كثيرًا... حاولت تهدئة نفسها مع ما تسمع من كلام جارح واتهامات باطلة، وكانت على يقين أنها لو فتحت فمها بكلمة، فإن الأمر سيسوء أكثر مما هو الآن... لاذت بالصمت... والغصص تتكسر في صدرها... قامت بتشغيل جهاز التلفاز، كانت ساعة غروب يوم الخميس، ردّدت مع نفسها الاستغفار والحمد، كان القارئ في التلفاز يقرأ القران، في حرم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، جلست تنصت، كفكفت دمعها، مر الأمر على ما يرام... كانت بقايا نفسها الأمارة تدفعها للخروج، والرد على تلك العبارات الجارحة التي كانت تسمعها... بدأت ترتفع أصوات الأذان في المساجد، سمعت التكبير، فحمدت الله كثيرًا على تلك الخطوة... لقد انتصرت أخيرًا، وفي أول معركة على نفسها، بعد أن أدركت أنها هي المنتصرة في كل مرة سوف تسيطر على نفسها، وسوف تجد الكثير من الأمل مع الصبر على القليل من الألم... رغم أنه يطبع بصماته عليها لونًا وشيبًا وخطوطًا مزعجة... المهم أنها انتصرت في هذه المعركة. لقد استطاعت أن تتغلب على رغبة جامحة في الرد بالمثل والكيل لمن يكيل لها... قالت وهي تسجد شاكرة لله وقد استطاعت أن تغلب نفسها: يا الهي شكرًا لك فلوﻻ عونك ما استطعت، ولوﻻ حبك لي ما انتبهت، فشكرًا لك لما أوليتني من نعمة اللهم "....وألبسني زينة المتقين، في بسط العدل وكظم الغيظ وإطفاء النائرة...."

اخرى
منذ 4 سنوات
1930

على ضفاف عهدي

بقلم: علوية أم مهدي وأم محمد جاسم انتهت دعاء من صلاتها وجلست تحدث نفسها قائلة: سنوات وأنا أقرأ أدعية وسور القرآن الكريم وأفرح عندما أتمكن من حفظ بعضها وأعدّ نفسي من الموالين الحقيقيين، لكن اليوم استوقفتني عبارات في دعاء العهد، وكأنني لأول مره أقرأها! "... اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهدًا، وعقدًا، وبيعة له في عنقي..." (1) وكأني لأول مرة أعيها! فهل حقًا أعاهد مولاي الحجة (عجل الله تعالى فرجه) بهذه البيعة؟ كنت أعتبر نفسي وحيدة، بينما أنا أعيش في ظل ولاية مولاي الإمام المنتظر، ولكن ما حالي؟ أقريبة أنا منه (عجل الله فرجه)؟ وهل حالي مثل السفراء البررة والصالحين؟ أو أنني أسير إلى سراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً؟! هل أكون كحال الأشعث الكندي؟! الذي كان يجدّد البيعة لأمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وبمجرد تعرضه للامتحان فشل ونكص وكان رأس المنافقين وزعيمهم في الكوفة! أعوذ بك يا اللهي من مثل هذا المصير، ورحمتك أنزلها علي، وخذ بيدي إلى سبل الأمان. وتحدرت دموعها، وأجهشت بالبكاء قائلة: رحماك يا رب أرني الحق حقًا حتى اتبعه، واستغفرت وعادت لتكمل فقرات الدعاء .." اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والمسارعين إليه في قضاء حوائجه الممتثلين لأوامره والمحامين عنه والسابقين إلى إرادته، والمستشهدين بين يديه..." (2) أين أنا من كل هذه المراتب؟ وفي أي مرحلة؟ وهل أنا أسير في درب المنتظرين هل وصلت؟ إنني ما زلت في بداية الطريق والعمر يمضي "... فإذا كان عمري مرتعًا للشيطان فاقبضني إليك قبل أن يستحكم غضبك علي.." (3) تمتمت: عملي لا يرقى إلى أن يقدم بين يدي مولاي الحجة ابن الحسن (عليه السلام)... هزّها البكاء وهي مازالت في مصلاها، مسحت دموعها، فالله واسع الرحمة، سجدت سجدتي الشكر، وتمتمت: مولاي وإلهي، وربي، وجّهت كلامها إلى إمام الزمان: مولاي خذ بيدي... لأكون في الدرجة العليا مع الشهداء... سوف ابتدئ عهدًا جديدًا... فأعني. وحسمت أمرها واتخذت عهدًا أن تكون في طاعة الله... لفت إحرامها وطوت سجادتها، وسألت الله والإمام القوة والعون. _______________ 1) دعاء العهد 2) دعاء العهد 3) دعاء مكارم الأخلاق

اخرى
منذ 4 سنوات
1373

ولدت لتحيا

اسمها لا يزال يشدني وكأنه قادم من عمق التاريخ يحمل لنا أنباء وأخبار ذلك الزمان، اسم يشع جلالا، وهيبة، فيحتار العقل في وصف تلك المراءة العظيمة... خديجة.... قالوا في معناه: أنه اسم علم مؤنث عربي ويعني المولودة قبل أوان وضعها وتحيا. امرأة من جنس النساء، ولكنها أبت إلا أن تكون سيدتهن؛ بوضعها أموالها ونفسها وروحها بين يدي سيدها. لم يكن الصادق الأمين زوجا لها فقط إنما كان وليا واماما ورسوﻻ ... قال عنها: آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله اوﻻدها وحرمني اوﻻد الناس. لقد عقم الزمان أن ياتي بمثلها لتكون شريكة الخاتم في الرسالة وسبب ذريته وأصل لفرعه الأزهر فاطمة الذي كان كلما اشتاق للجنة قبلها وشمها. لقد تحدت السيدة خديجة عليها السلام تقاليد وقيود مجتمعها الغارق في الجاهلية. إنها تلك العظيمة التي رغم أن التأريخ وصناعه لم ينصفوها إلا أن فضلها وعظيم منزلتها قد ملأ الخافقين... للمتدبر!!! تلك المرأة التي ولدت لتحيا طاهرة كريمة النفس واليد شريفة في زمن شحت فيه تلك الاخلاق .... فريدة عصرها جاها،وشرفا، وجﻻلا، وجمالا. كانت من الحكمة والفطنة بأنها أدركت بعقلها الراجح شخصية ذلك الشاب الذي اذنت له كي يتقدم لخطبتها، ولم تعر أهمية لما عدا أخلاقه، ورجاحة عقله، ومنزلته في قومه؛ فهو الصادق الأمين. إن ما بذلته من روحها وأموالها لم يكن بسبب حب رجل، أو لمجرد زوج، وأنما كان تحديها وإنفاقها عن فكر صائب، وعقيدة راسخة وإيمان بالواحد الاحد؛ لم تزلزلها مقاطعة نسوة مكة 1، ولا حصار الشعب في السنوات العجاف2، وكانت نعم المؤمنة طاهرة القلب واليد، فنجد ذلك في كلمات النبي صلى الله عليه وآله وهو يمدحها في طول عمره الشريف، وبقى يحب من احبت ليس برا بزوجة فقط وإنما بمؤمنة نصرت الله ورسوله ودين الحق بكل ما تملك. هكذا كانت أول أمهات المؤمنين عطر فاح في الأرجاء شذاه. .... ومازالت لنا قدوة وأسوة في تكوين الأسرة، وعدم السير مع تيار المجتمع الفاسد. فسلام على الراحلة في شهر الصيام، سيدة نساء العالمين والتي تفردت في هذا الكون حين حظت بسلام من رب العزة ومبعوث الرسالة3. فالسلام على من وسَّدها الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في كفنين أحدهما سماوي والآخر أرضي 4. 1.ورد أنها وبسبب زواجها من النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وحين وﻻدتها لم تحضرها نساء مكة وإنما خدمنها نساء الجنة السيدة آسيا بنت مزاحم والسبدة مريم وكلثم أخت موسى. 2. حصار قريش للمسلمين في شعب أبي طالب لمدة 3سنوات قضى فيهن أبي طالب والسيدة خديجة عليهما السلام. 3.تفردت السيدة خديجة عليها السلام بأن الله خصها بالسلام على لسان جبريل الأمين. 4.ورد أن الله سبحانه أنزل لها كفنا من الجنة وأيضاً كفنها النبي بكفن آخر. بقلم العلوية أم مهدي

اخرى
منذ 4 سنوات
2410