Profile Image

كاردينيا ياس

جَدّدتَ طُهري...

بقلم: كاردينيا ياس سِرنا سويةً مذ كنا صغارًا يا صديقي، ولم نسل بعضنا: كيف التقينا؟ نزغَ الشيطان بيننا، فافترقنا.. ولم نسل: لمَ عن دروب الحب والإخوة في اللهِ تعالى مَضينا؟ شاء الله تعالى بعد أعوامٍ أنْ نلتقي.. بقلبين، ادّعى كلٌّ منهما أنَّه الصالح التقي... ما إنْ لمح أحدنا وجه الآخر.. حتى وشحتُ عنكَ بالتفاتةٍ ما أسرعها، و لم تكن أبطأ منها التفاتكَ، إنَّها مشورة الجانب السيء للنفس.. نعم، هو ذاك الآمر بالسوء الشقي.. كنا نقتربُ من محال ّ الوضوء لتجديد طهر أعضائنا.. غير ملتفتين إلى ما يساعد ذواتنا على التطهير! إلاّ عند لحظة احتضان ذلك اللطف الإلهي لكلينا! لمْ نصلَ منهل الماء بعد، حينَ نوديَ من أعلى المأذنة: الله أكبر الله أكبر اخترقَ القلب _ ذلك النداء _ وكأنَّها المرةَ الأولى لسماعنا إيّاه تصدّعَ جدارٌ بناه الشيطان بين قلبينا.. بدا ما بيننا من ضغينةٍ صغيرًا، وكأنّه صَغُر بلحظاتٍ قليلة و استمر يصغر! حتى تلاشى .. فما بقي منه شيء حينَ جذبتني من يدي قائلًا: لم نكبر بعد للدرجة التي تؤخرنا عن تجديد الوضوء، واللحاق بركب المُصلين أول الوقت! لا أذكر كم تحدثنا (بعد الصلاة) يومها، لكن ما أذكره جيدًا.. وكأنّه لم يزل عالقًا بأستار قلبي.. جَذبَتك تلك، وحروفك التي جَذَبَت قلبي. ممتنٌ لك يا صديقي... جَدّدتَ طهري! جَدّدت طهري!

اخرى
منذ 4 سنوات
244

العملاق الصغير

بقلم: كاردينيا ياس كنت أستمتع أيام طفولتي، حين تودعنا الأشجار الواحدة تلو الأخرى، ونحن نجلس خلف نافذة الباص وهو يسير بنا إلى الأمام، بينما تذهب هي بلا عودة، إلّا أن عدنا أدراجنا! تكررت اللقطات الجميلة، الجاذبة لنظري، وفكري! كنت أرى نهاية الأرض من بعيد، إنه خط الأفق الذي لم يعرّف عن نفسه حينها؛ وربما أراد ذلك لكنه وجدني غير مدركة كفاية لكلام سابق لأوانه! الطيور... كنت اعجب لأمرها، طيور الماء تحديدًا، لها موسم ما، تأتينا فيه، ترفرف على نهر يسري بمحاذاة شرفة دارنا! كنت أسأل نفسي، من يخبرها بالتوقيت، هل تتلقى دعوة من النهر في كل موسم شتوي؟! النمل... يصطف بشكل عجيب رواحًا ومجيئاً إلى ذلك الثقب، وأظنه لا يرتضي مني تسمية ذلك المكان بالثقب.. فهي بوابة مدينته السعيدة، المثالية.. المثالية بكل شيء… نظام، حقوق، واجبات، وعمل ثم عمل فعمل... بلا توقف! إلّا أن توقفت الحياة بذلك المخلوق ذي القوة والإرادة! أثر... غرقٍ أو تحطيمٍ أو ... تعددت الأسباب والموت واحد... أمّا الإبداع فهو لا يعرف العدد والإحصاء عندهم... إنهم يبدعون بكل شيء.. حتى بالهمة التي تدفعهم لتفتيت كسرة خبز لا يمكنها المرور من تلك البوابة! يبدعون بإرسال وتلقي الرسائل بينهم، بلا ضوضاء! لكن... من أهداهم ذلك الجدول الدقيق جدًا، الذي يملي عليهم... ما يفعلونه، وعلى مدار الساعة! الجبل... أذكر جيدًا أنني كنت أفعلها، ولم أزل.. أتهيب مِن أن أرفع رأسي عند وقوفي بمحاذاة أي جبلٍ، وفي أي وقت كان، نهارًا أو ليلًا! إنني لا أهاب الجبال الشاهقات، ولست مصابة (بفوبيا المرتفعات) والدليل أنني أصعد وأصعد دون توقف، لكن كل ما في الأمر؛ أنني استحضر عظمة الخالق في الخلق، وكأنني أرمق الجبل بعين الضعف... سبحانك اللهم، ما أعظمك! وما أعجب صُنعك! أطلق عبارات إلى النفس المسكينة التي تظن أنها شيء يُذكر، بل وتتحايل على اللسان أن يرتب لها ظاهرًا يستحسنه المخلوقون أمثالها، بشتى العبارات سواء أمام حضورٍ، أم مع ذاتها، لتزيدها بذلك رفعة وسرورًا! انظري أيتها النفس لحالكِ، وتعقّلي بكبح اندفاعكِ، كي يُحمَد مالكِ! ألم تكبري كفاية؟! لتتعلمي وتَعلَمي أنك المخلوق الضعيف! ألم تتفكري بخلق الله؟! وكيف أتقن الخلقَ؟ أما آن لكِ أن تنظري لأمركِ.. نشأتُك، حياتُك، معادُك، بل أهم ما في الأمر ملكيتك لمن تعود! قنوعةٌ بالتفكر أنتِ.. طامعةٌ بالنجاة! وأنّى لهذه دون تلك! أنها الأيام تمرّ بي، ولا زلت أحمل ذات الأنا! فما هزها والله... كذلك، الذي باغتَ عوالمي.. إنه العملاق الصغير! أتى من حيث لا ندري، وولج الأبدان دون أن تدري، ومن بدن لآخر، بكل سرية يسري! حتى وكأنني في ساعة ألم وحزن لِما ألمّ بالمرضى.. وقفتُ أمامه سائلةً: من أنتَ؟ تكلم.. وكأنني رأيته تبسّم.. وقال دون أن يتكلم: من أكون أنا، سوى مخلوقٍ بلا حياة! أنتم الأحياء وأنا بدون ولوجٍ إليكم، لا حياة فيّ! فيكم أنا أحيا، فيمرض بعضكم ويشفى، ويموت آخر، أُراقب أعدادًا هائلة منكم... كأنها ترسل لي رسائل دعوة... بذعرها، بضعفها، بتهاوي كل ما لديها من قوة! مع أنكم الأحياء... أرسلتم لكل منهم رسائل كثيرة.. أن لا تخاف، فقط افهم، وتوقّ، وادعُ... إلّا أنه أغلق باب عقله عن الأولى. ودفعه غروره وجهله أن لا يرافق الثانية وأما الثالثة، فقد حرم نفسه أن تسعد بها؛ فضلًا عن النجاة! أنا مجرد مخلوق صغير جدًا... وأكرر مرة أخرى: أنني لست أحيا خارج تلك الأجزاء الحية منكم! نظرت له بتهكم، أ هذا أنت؟! هل هذه هويتك، أيها العملاق الصغير؟ لم أسمع جوابًا منه... ولكن.. الكون برمته كأنّهُ أنابَ عنه، وقد شَخَصَ بصري إلى أجزائه.. تلك التي لم أراقبها يومًا، والتي لم أخلها موجودة من قبل! الكل يصدح بصوت القدرة والحكمة الإلهيّة: (أحسِن التصرف والتصبّر أيها المُمتحن، بساعات البلاء.. ولا تقطع بمقص الوهم والغفلة حبل السعي والرجاء!).

اخرى
منذ 4 سنوات
333

صادَرَ مَرتبتي!

بقلم: كاردينا ياس مشاركةٌ أملتُ فوزها بالمرتبة الأولى، بل لم أضع نصبَ عينيّ غيرها ليسَ طموحًا... بل طمعًا، ليسَ سعيًا بحبٍ وإخلاص... بل مرورًا بخطواتٍ مِلؤها العُجبُ والخُيَلاء، لم أُعِر اِنتباهًا لأيٍّ ممن مررتُ بهم، فأنا الأفضل حتمًا... كنتُ سعيدًا جدًا، أو لعلّني ظننتُ أنّها سعادة.. تلك التي ملأتني مِن أُمّ رأسي إلى أخمص قدمي... حينَ نادوا باسمي... نعم.. الفائزُ الأول... المرتبةُ الأولى، لي أنا، كما أردت، وكما توقعت! عينايّ تُمرّران نظراتهما بغرورٍ إلى الجميع.. حتى فقأتهما هامةٌ شمّاء، وابتسامةٌ ذات بهاء، إنّها مِمّن هو أدنى مني بمرتبتين! هل حقًا ما أرى؟! إنَّه الفائز الثالث، بعالم الملك، ولكنه الأول بعالم الملكوت....! إنَّه الأول بأخلاقه... الأول بقناعته، الأول مُذ خطا أول خطواته، تلك التي لم تبدأها صافرةُ الحكم، بل.. قلبه الذي سَلِم... من شرور الغويّ والأمارة، فنال ما نالَ... راضيًا سعيدًا قلبًا وقالبًا... فصادر فرحتي ومرتبتي.. حينَ ابتسم!

اخرى
منذ 4 سنوات
285

قلبٌ بينَ قلبين!

بقلم: كاردينيا ياس قُبيلَ شروقِ شمسِ يوم العاشر من محرم أخذ خيالي يتأرجحُ ما بينَ لحظةٍ أنا فيها الآن ... و لحظةٍ كانت بيوم ٍ في العام الواحد والستين من الهجرةِ الشريفة... أرمقُ ببصري إلى ولدي الذي لمْ يبلغْ الحُلُم بعد، وأحاولُ أنْ أميّزَ بعينِ بصيرتي....غلامًا بزي وهيئةٍ تُنبئ بنزوله إلى ساحة معركة.. (بنظرةٍ مؤلمةٍ إلى حدِّ الوجع لقراطيسِ التاريخ بتدويناتِ الثُقات) يخطو بسكينةٍ و هيبة.. كخطواتِ أبيه نحو َعمّه... وأكادُ أجزمُ أنّه لم يخطُ إليه بحنان ابن الأخ إلى عمه.. بل بقلبٍ اعتمرَ وفاضَ بحُبِّ إمام زمانه... خطواتٌ تُصرِّحُ بصوتٍ تفهمه الأفلاك والسموات والأرضيين وإنْ كُشِفَ للخلائق عن حُجب الغيب لَتُرجم لها بكلمتين، لا غير : "لبيكَ مولاي" أصبحَ على مقربةٍ من عمّه،.. تسكنُ قدماه.. وتتسارعُ دقاتُ قلبه التي تمدُّهُ عزمًا و إصرارًا... وتوصلُ إلى جوارحه اِيعازًا بأخذِ وضعِ الاستعدادِ الذي اعدّته وادخرته بِسني طفولته... إلى تلك اللحظة؛ أُمّه،.. التي لم تألُ جهدًا لتُربي ذلك المُقاتل الشجاع.. كلمات ٌ قلائلُ طلبَ بها من إمام زمانه الرخصة؛ ليذودَ ويُحامي ويُبارز بين يديه... لكن؛ لم يحصلْ على الإذن! بقيَ ثابتًا بمكانه لنيلِ الفرصة... وإنْ لم ينلْ فسيتوقفُ القلبُ عن النبضِ لتلك الغصة.. و بين قلبِ الغلامِ وقلبِ الإمام كان الحِوار... لتأتيَ الرخصةُ.. على طبقٍ مُرصعٍ بلآلئ الإحسان.. العمُّ يأذن .. و يخشى على قلب الأم.. لئلا تُثكل بهِ وتحزن.. ويسابقُ الغلامُ الريح... باتجاهِ قلوبٍ غلظت .. ولإمام زمانها أنكرت... وعليه انقلبت.. يرتجز ُوتسمعُ الحشودُ حروفه: إنْ تنكروني فأنا نجلُ الحسن سبطُ النبي المُصطفى والمؤتمن هذا حُسينٌ كالأسيرِ المُرتهن بينَ أناسٍ لا سقوا صوبَ المزن يُبلي بلاءً حسنًا، ولا يُميّزُ من يراه عمرًا فتيًا بين ملامح وجهه فملامحُ سطوته في الميدان، ترسمُ خطوطًا أخرى لملامحهِ... تصطافُ مع أوصاف الحسن، وما أقربه منه! تسيرُ الأرضُ تحتَ قدميه بسرعةِ البرق،.. على حين يُنازلُ الأعداءَ بكُلِّ ما أوتيَ من قوة.. ترفعُه مع ضربةِ ذلك اللئيم إلى تخومِ السماء.. تضجُّ الدنيا لرزئه بما حوت.. وتتلقفُه الآخرةُ بما له ادخرت! ولايزالُ قلبي، يرقب.. يرقب قلب عمّه بأبي هو وأمي؛ كيفَ احتضنتْ مسامعُ فؤاده نداءً كادتْ تزهق الروح منه، ألماً وغصة، معه! خطواتٌ ما أسرعها،.. تبلّغه محلَ النداء.. فإذا بها قد التحقت بمحضرِ الشهداء.. وما أسرعَ انتهاء دبيبِ خُطى اللعين من على ساحةِ المعركة،... فقد أرداهُ سيفُ الإمام .. وتلتْه حوافرُ خيلٍ.. ليسقطَ إلى مداركِ جهنم وبئسَ المصير. ترفع كفا الفاقدِ بدنَ الفقيد يحاورهُ بهجاءِ شهيدٍ لشهيد.. فما أقرب لحوقهَ بمن بين يديه! ما أصعبها عليكَ مولاي انحناءتكَ وما تلاها! صدرُك على صدرهِ! تحملُه إلى المخيم؛ تخطُّ رجلاه الأرض.. ولم أميّز أيُّهما السبب، أو ربما كلاهما؛ طولُ الغلام، ام كسر ظهركِ لرزيته! كم من أنفاسِ اليقين والصبر، استغرقَ الوصول، إلى حيث أحباب الطاهرة البتول.. كالدُرِّ المنثور، وجوههم.. أرواحهم تتعانق،.. ويغبطهم من لم يزل،... منتظرًا متسابقًا إلى رضوانٍ من الله أكبر! بضع خطواتٍ، ويصلُ معهُ إليها؛ يأخذه إلى من ترقب السلامة من بعيد؛ وأيُّ سلامةٍ أمّلت،... أمُّ الغلام؛ غيرَ سلامةِ دينِ عزيزها، سلامة موقفه وثباته من إمامِ زمانه.. وليقعَ ما يقع على حبيبها! ويصلُ الركبُ إليها،... عمٌّ مكسورُ الظهر، وابنٌ يروّي الأرض من تحته بفيضِ دمه! وأملاكٌ على مدِّ البصر، تحفّ بالسبط وابن السبط! فتتلقفه أيادي الرضا والتسليم،.. لِتُقدِّمَ قربانها، فداءً لخطبٍ عظيم.. إنّه الدينُ القويم،.. فكلمةُ (لا إله إلا الله) لا تترجمُ عندَ رملة إلاّ بذلك الفِداء؛ وإنْ لم ترهُ هيَ بذلك العِظم، فذووا الإخلاص والخلوص، لا يرون قدرًا لما يقدمونه، إزاءِ (عظيمٍ) أتقنوا حبه وطاعته، فَعبدوه كما أرادَ أنْ يعبدوه! _والآن،.. ماذا، بعد.... ؟! (سؤالٌ من قلبي،.. تلا مشاهدةً تمّتْ به ومعه) لم أسمعْ صوتًا مني يُجيب، ونبضاتي تتسارعُ،.. تودُّ أنْ تصطفّ، من جديد؛ لترتبَ كُلَّ حساباتِ الأمِّ الجديدة التي انبثقتْ للتوّ في كُلِّ كياني أمٌّ كانت تأملُ خيرًا، وصارتْ تأملُ خيرًا أكبر وأكثر مما كانت تأملهُ،.. تدنو من ابنها،.. تأخذُ من مدامعِها، ما تُطهِّرُ بهِ نواظرَه ومسامعه، وعلى رأسه تمسحُ بها،.. وهي تتمتم: اللهم بحقِّهم عليك، ابقِ قلبي بينهم، يحيى ويزكى ويطهر، ليُجيدَ فنونَ الأمومة، بين أنوار الإمامةِ وضواحيها.. فأُجيد أداء الأمانة ..وتبليغ الرسالة؛ وكذا من أولادي .. جيلًا بعد جيل؛ ورايات الانتظار ترفرف،.. أعالي نفوسنا.. وكُلُّ من توجّه إليكَ بقلبه،... يا رب! لِنجتمعَ في فجرٍ غير بعيد،.. تحتَ لواءِ الحاضر الغائب، وهو يؤمُّ الملأ.. مؤيدًا بالنصر المُبين!

المناسبات الدينية
منذ 3 سنوات
363