تشغيل الوضع الليلي
معرضُ النور
منذ 5 سنوات عدد المشاهدات : 766
بقلم: غيداء عبد الأمير
كان جالسًا أمام التلفاز..
ــ أحمد ..أحمد ..
ــ نعم يا أمّي ..
ــ ماذا تشاهد يا أحمد؟
ــ أمّي أشاهد تغيير راية الإمامين الكاظمين (عليهما السلام)، فقد استبدلت بالراية السوداء ليلة البارحة..
ــ نعم يا ولدي، عظّم الله لنا ولك الأجر بذكرى استشهاد باب الحوائج إلى الله الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام).
ــ عظّم الله لكِ الأجر أمّي..
ــ ولدي أحمد، والدك يناديك يريد اصطحابك معه.
ــ إلى أين أذهب معه يا أمّي؟!
ــ سيخبركَ بنفسه يا عزيزي.
ــ حسنًا يا أمّي، سأرتدي ملابسي السوداء حدادًا على الإمام الكاظم (عليه السلام) وأذهب معه ..
ــ لا تتأخر يا ولدي، فأبوك على عجلةٍ من أمره.
أكمل أحمد ارتداء ثيابه السوداء، وأسرع إلى أبيه..
ــ عظّم الله لك الأجر يا أبي بمصابنا بالإمام الكاظم (صلوات الله عليه)
ــ عظم الله لنا ولك الأجر يا ولدي، هيا بنا يا ولدي..
ــ إلى أين نذهب يا أبتاه؟
ــ أركب السيارة وستعلم بعد قليل ..
ــ أبي انظر الشارع كله ينطق بالحزن على الإمام الكاظم (عليه السلام)، فالناس كلها تلبس ثوب الحداد على الإمام..
ــ نعم يا ولدي فمُصاب أهل البيت مصابنا ... ها قد وصلنا يا بُني، هيا انزل ..
ــ وصلنا؟!
ــ نعم، إنَّها حُسينية أنصار الحجة (عجل الله فرجه)، التي لطالما يحيي بها الموالون الشعائر الدينية، وكذلك ولادات ووفيات أهل البيت (صلوات الله عليهم جميعًا) ..
ــ أبي كم أحب هذه القصيدة التي نسمعها الآن، وهي قصيدة للشاعر مهدي جناح الكاظمي (لا السجن يحجبه ولا السجان) ..
كان الصوت رائعًا وكان الحضور يتوافد إلى الحسينية، اقتربنا من الحسينية دخلنا واذا بي أرى شيئًا قد أصاب عقلي بالذهول وخطف كلّ بصري إذْ لم أتوقع ما رأيتُ، رفعتُ بصري واذا بي يرمقني والدي بنظرةٍ بادلته بمثلها تعبيرًا عن الشكر والامتنان لإحضاري إلى هذا المأتم الكاظمي..
رأيتُ الحسينية قد رُتبت بصورةٍ رائعة، ورأيتُ الشباب الذين فيها كأنّهم خلية نحل مُنظّمة وقد جعلوا من الحسينية معرضًا! نعم، معرضٌ قد عُرِضت فيه لوحاتٌ كانت مُبروزةً ببروازٍ أضفى عليها جمالًا خلاقًا، وكانتِ اللوحاتُ عبارةً عن مخطوطاتٍ خُطّت بخطوطٍ عربيةٍ رائعة، سألت أبي ..
ــ ما هو سبب إقامة هذا المعرض؟
ــ إنَّه يا ولدي مجموعة لوحات خُطّتْ فيها عددٌ من الروايات عن الإمام الكاظم (صلوات الله عليه) بحق أمامنا الثاني عشر الإمام محمد بن الحسن المهدي (روحي له الفداء).
تشوقتُ كثيرًا لقراءة ما كُتِبَ فيها والذي حمّسني أكثر جمالها ..
ــ أبي هلّا قرأت لي أولًا هذه اللوحة ذات البرواز الذهبي... أنا أعرف القراءة لكن قراءتها بصوتٍ أبي يضفي عليها إحساسًا جميلًا عند سماعها، اقتربنا انا وابي وبدأ أبي يقرأ..
روي عن محمد بن زياد الأزدي قال: سألت سيدي موسى بن جعفر (عليه السلام) عن قول الله (عز وجل): "وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة"، فقال: النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والباطنة الإمام الغائب. فقلت له: ويكونُ في الأئمةِ من يغيب؟ قال: نعم، يغيبُ عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا يُسهِّل الله له كل عسير، ويُذلل له كلَّ صعبٍ، ويُظهر له كنوز الأرض، ويُقرِّب له كلَّ بعيدٍ، ويُبير به كلَّ جبار عنيد، ويُهلك على يده كلَّ شيطانٍ مريد، ذاك ابن سيدة الإماء الذي يخفى على الناس ولادته، ولا يحلُّ لهم تسميته حتى يُظهره الله (عز وجل) فيملأ به الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلأت جورًا وظلمًا.(١)
ــ أبي وهذه ذات البرواز الفضي...
فيها روايتان: عن داود بن كثير قال: سألتُ أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن صاحب هذا الأمر، قال: هو الطريد الوحيد الغريب الغائب عن أهله الموتور بأبيه(٢)
وعن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: ما تأويل قول الله (عز وجل): "قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورًا فمن يأتيكم بماء معين"؟ فقال: إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون(٣).
ما شاء الله ما أجمل كلام الإمام، فكله نورٌ في نور، ينضحُ بلاغةً وعلمًا وحقيقةً، لا يغشاها ريب أو شك .. أبي هلّا قرأت لي تلك المخطوطة التي خُطّت باللون الأخضر، فأنا كما تعلم أحبُّ اللون الأخضر منذ أنْ سمعتُ أنّه اللون الذي يُحبه أهل البيت (صلوات الله عليهم)..
ما شاء الله إنّها تحتوي كنزين من كنوز سيدي الامام الكاظم (عليه السلام)، وبدأ أبي يقرأ: عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: إذا فُقِد الخامسُ من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يُزيلكم أحدٌ عنها، يا بُني إنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله (عز وجل) امتحن بها خلقه ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينًا أصح من هذا لاتبعوه، فقلتُ: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ قال: يا بُني عقولكم تصغر عن هذا وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إنْ تعيشوا فسوف تدركونه.(٤)
اما الرواية الثانية فتقول يا ولدي وفيها بشارةٌ جميلةٌ جدًا: عن يونس ابن عبد الرحمان قال: دخلتُ على موسى بن جعفر (عليه السلام) فقلتُ له: يا بن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال: أنا القائم بالحق ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلا كما مُلأت جورًا هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفًا على نفسه، يرتدُّ فيها أقوامٌ ويثبت فيها آخرون ثم قال (عليه السلام): طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبنا في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة وطوبى لهم، هم والله معنا في درجتنا يوم القيامة. (5)
أطرقتُ رأسي خجلًا وفخرًا، وسألتُ الله (تعالى) أنْ يُثبتنا على ولاية محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ويُحسن خاتمة أعمالنا ونكون من جُند الإمام المهدي المنتظر (روحي وأرواح العالمين له الفداء)..
ــ أبي هلّا تقرأ ما كُتِب في تلك اللوحة التي رأيتُ ذلك الشيخ يبكي ويرفع يديه بالدعاء عند قراءتها ..
ــ نعم يا ولدي، فهذا دعاء الامام الكاظم (عليه السلام) للإمام المهدي (صلوات الله عليه)، عند سماعي ذلك أصابتني رعدة ورجفه وأيقنتُ كم كان الائمة مشتاقين للإمام المنتظر (روحي له الفداء) ولزمانه، قال أبي إنَّه دعاء غاية في الروعة ..
ــ انصت يا ولدي كيف كان يدعو الامام موسى الكاظم للإمام المهدي (عجل الله فرجه): "أسألك باسمك المكنون المخزون الحي القيوم الذي لا يخيب من سألك به، أنْ تصلي على محمد وآله، وأنْ تعجل فرج المنتقم لك من أعدائك، وأنجز له ما وعدته، يا ذا الجلال والإكرام(٦)
وعند هذه اللوحة كانت طاولة صغيرة وضع عليها سجل كبير الحجم وكان لطيفَ الشكل وضعَ ليكتب الضيوف فيه ملاحظاتهم وانطباعاتهم بشأن المعرض، أثنى أبي على القائمين على المعرض وختم كتابته بالسلام على الإمام الكاظم (صلوات الله عليه). ومن ثم تناولت القلم وتبادر إلى ذهني هذا الحديث المروي عن الامام الرضا (صلوات الله عليه) عندما قال: "رحم الله عبدًا أحيا أمرنا"(٧)
--------------------------------
(١)و(٢)و(٣)و(٤)و(٥) بحار الانوار – العلامة المجلسي ج٥١ ص١٥٠و١٥١
(٦) معجم احاديث الامام المهدي عليه السلام – الشيخ علي الكوراني العاملي ج٤ ص١٤٢(الدعاء للمهدي عليه السلام 1203)
(٧) بحار الانوار – العلامة المجلسي ج٢ ص٣٠
اخترنا لكم

نشاطاتٌ رمضانية للمرأة الشيعية (٨)
بقلم: علوية الحسيني الجمال ركنٌ أساسيٌ قد تغفل عنه بعض النساء في شهر رمضان المبارك؛ نتيجة لتضاعف أعمالها، وضيق وقته، إلّا أنّه مهم, وينبغي الالتفات له, والمحافظة عليه بنشاط, كسائر النشاطات من الأشغال الأخرى. نحن نعتقد أنّ الله تعالى يفعل الجميل, إذًا هو جميل, ويحبُّ الجمال, فما بديع خلقه إلّا جميل, ومن ضمن مخلوقاته المرأة, أودع فيها صفة الأنوثة, والرقة, والجمال, فخلقها فأحسن تصويرها, فينبغي عليها المحافظة على تلك المعطيات. وقد تغفل بــعض النساء في شهر رمضان المبارك عن الاهتمام بهذا الجانب؛ نتيجة عدّة أمور, منها: كثرة الانشغالات, وتوهم أنّ التجمل من مفطرات الصيام! وسيتم علاج تلك الأمور, ولهذا اقتضى الأمر أن يسلط الضوء هذا المقال على (جمال المرأة في شهر رمضان) ليكون نشاطًا لها كسائر النشاطات الرمضانية خصوصًا, وفي باقي الشهور عمومًا. كما وسنعرف أنّ للتجمل صوراً, منها التزين, وللتزين صور, منها: التزيّن بالثياب, والطيب, والحلي, كما سيأتي. وقبل التفصيل ألفت نظركِ أختاه إلى أنّ حثّ المقال على التزيّن لا يعني التجمل والظهور بالزينة أمام الرجال الأجانب، بل حتى أمام الصبي غير المميز احتياطًا في بعض الموارد. إنّما يجوز اظهارها أمام الذين شرّع الله تعالى إظهارها أمامهم؛ قال (تعالى): {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاء}(1). من أبرز صور التجمل: 1/ التجمل بالملبس روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "البس وتجمل، فإن الله جميلٌ يحب الجمال، وليكن من حلال" (2) فاللبس لغرض الزينة, ولهذا اقتصر الكلام على التزيّن الذي شرّعه الله (تعالى) في كتابه الكريم, بقوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} (3). فظاهر الحديث يشير إلى أنّ بعض التزيّن يكون بلبس الثياب الجميلة, وعادة المرأة أنّها ترغب بشراء الثياب الحسنة؛ لتلبسها, وهذه فطرة حسنة, والأحسن هو التجمل بلبسها في كلّ وقت, ولا تقتصر بلبسها على المناسبات فقط. فيا اختاه! لبسكِ لثيابكِ الجميلة في الشهر الجميل حسنة؛ لأنّ الله (تعالى) يحب الجمال؛ فإذا أحبّ (تعالى) فعلكِ جازاكِ بالإحسان. فلا تبخلي على نفسكِ بجعل ثيابكِ الحسنة حبيسة في خزانة الملابس, فمن موجبات احترام الذات هو تنعمها بالقدر الذي أنعم الله (تعالى) عليه, والعمل على تحسين هندامها. فبإمكانكِ ارتداء ثيابكِ الجميلة حتى في أثناء إعداد الفطور, مع وقايتها من الاتساخ بارتداء ما يسمى بـ(صدرية المطبخ)؛ لئلا تتلف. *التفاتة مهمة لكِ اختاه, وهي ضرورة مراعاة أن يكون الثوب فضفاضًا, لا يصف, ولا يشف, مهما كان الذي يعيش مَن معكِ في البيت, والتقوى فوق الفتوى. 2/ التجمل بالعطور تتوهم بعض النساء أنّ العطور من المفطرت, لذا تحرم نفسها من سُنّة لطيفة شرّعها الإسلام, تعطي رونقًا وجمالاً, في حين أنّ الحكم الشرعي لها أنّ العطور ليست من المفطرات. بل إنّ سنّة التعطّر أعطت لعبادةِ من يطبقها أفضلية على من لا يطبقها؛ حيث روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "ركعتان يصليهما متـعطر أفضل من سبعين ركعة يصليهما غير متعطر" (4), فهلاّ انتبهتِ اختاه؟ وأعتقد أنّ من لوازم حقوق الزوج أن تكون زوجته متعطرة دومًا لتكون خير زوجة؛ روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): " خير نسائكم الطيبة الريح" (5). بل لو تأملتِ أختاه في بعض الروايات لوجدتِ أنّ شراء العطور, ودوام استعمالها ليس من الإسراف؛ كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "ما أنفقت في الطيب فليس بسرف"(6), لكن هذا لا يعني أنّكِ ستجعلين زوجكِ غارقًا في الديون بسبب اعتمادكِ على هذه الرواية! 3/ التجمل بلبس الحُلي معروفٌ أنّ أكثر النساء يتجملنَ بالحلي, إلاّ ما ندرت منهن, لكن بعضهنّ يغفلنَ عن التحلي بالقلائد, أو الأسورة, أو الأقراط, فلا ترتديها في شهر رمضان بدعوى أنّها صائــمة وزاهـدة في الدنيا! ولا أعلم ما هو الربط بين الصوم وعدم التحلي بالحُلي؟ فيا اختاه تفضلي بقراءة درر أهل البيت (عليهم السلام), كيف رسموا لنا الصورة الأنثوية للمرأة في جميع سلوكياتها, حتى في صلاتها؛ روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في باب كراهة صلاة المرأة بغير حُلي, أنّه قال: "لا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها ولو أن تعلق في عنقها قــلادة" (7). فيا اختاه! تجملي في شهر الجلال والجمال, ولا تصدقي ما يُقال. 3/ التجمل بالاعتناء بالشعر. شعر المرأة من زينتها, وحتى تتجمل به ينبغي أن تحسن الاعتناء به دومًا, وشكر الله (تعالى) على هذه النعمة اللطيفة. في شهر رمضان تنتاب بعض النساء حالة شبه عدم اهتمام بالشعر, فيتعرّض للتساقط أو التشوهات الشكلية نتيجة الإهمال, فاعلمي يا اختاه أنّ هناك حثاً على الاهتمام بتصفيف الشعر كما روي عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) "من اتخذ شعرا فليحسن ولايته أو ليجزه" (8)، ومن حسن ولايته هو ترتيبه, أو ادهانه؛ روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "إذا أخذت الدهن على راحتك فقل: " اللهم إني أسألك الزين والزينة والمحبة وأعوذ بك من الشين والشنآن والمقت " ثم اجعله على يافوخك، ابدأ بما بدأ الله به" (9). وهناك طرق عملية للمرأة في شهر رمضان بإمكانها اتباعها للعناية بجمال شعرها, يشار إليها بعد هذه الوقفة. ■وهنا وقفة مهمة: جميع ما ذكر "يجب تركه من قبل المرأة المعتدة -في فترة عدّة وفاة زوجها- إلى أن تكمل عدّتها" (10) ونعود الآن إلى موضوعنا, لنضع خطوات عملية, ممكن أن تحافظي من خلالها على جمالكِ في شهر رمضان المبارك, إن لم يكن لديكِ متسع من الوقت لتخصصيه للعناية بجمالكِ, منها: 1/ أثناء طبخكِ للأرز بإمكانكِ الاستفادة من ماء الأرز بوضعه على الشعر, فهو غني بالبروتينات المفيدة. 2/ أثناء إعداد أطباق المائدة, ومنها السلطة, بإمكانكِ الاستفادة من الليمون للعناية بجمالية البشرة. 3/ عجن الخبز تلك المهمة التي تتعب كثيرًا من النساء, اعلمي أنّها تعطي جمالية لليدين؛ حيث تلين الجلد, وتلمع الأظافر, فلا تكترثي من التعب. 4/ كثرة الحركة أثناء الأشغال المنزلية تزيد الجسم رشاقةً وجمالية, فهي بمثابة الرياضة, فتحرق السعرات الحرارية الزائدة. 5/ إياكِ وعبوس الوجه لأي سببٍ كان, حتى وإن احترقت طبختكِ, فذلك يسبب بظهور التجاعيد مبكرًا على بشرتكِ, مما يقلل من جمالكِ, بل استشعري الاسترخاء والسرور, وأنتِ في ضيافة الله (تعالى), فهذا جمالٌ باطني يزيد في جمالكِ الظاهري. والخلاصة: أنّ الإسلام دينٌ يدعو إلى التحلي بالذوقيات بأكمل الدرجات, ومن تلك الذوقيات (الذوق في المظهر الخارجي ولوازمه, ومنه الجمال) فهلّا تجملتِ؟ ___________________ (1) النور: 31. (2) وسائل الشيعة: للحر العاملي, ج5, باب عدم كراهة لبس الثياب الفاخرة الثمينة..., ح5. (3) الأعراف: 32. (4) مكارم الأخلاق: للشيخ الطبرسي, ص42. (5) الكافي: للشيخ الكليني, ج5, باب خير النساء, ح6. (6) وسائل الشيعة: للحر العاملي, ج2, باب استحباب كثرة الانفاق في الطيب, ح2. (7) المصدر نفسه, ج4, باب كراهة صلاة المرأة بغير حلي, ح2. (8) المصدر نفسه, ج20, ح3. (9) الكافي: للشيخ الكليني, ج6, باب الدهان, ح6. (10) ظ: منهاج الصالحين: للسيد السيستاني, ج3, م581. اللّهم أدم حُسن خَلقنا وخُلقنا.
المناسبات الدينية
الغزو الثقافي وتداعياته على الفئة الشابة/ الجزء الثالث
بقلم: دعاء الربيعي أشار كتاب الله (تعالى) المبارك إلى ضرورة صيانة الأبناء وتربيتهم تربيةً دينية صحيحة؛ لبناء أساسٍ قويٍ ثابتٍ يستعينون به على مواجهة الصعوبات والتحديات والمنزلقات الخطرة التي تهدف إلى الإطاحة بهم وجرِّهم نحو ما لا يُحمد عقباه. ومع ذلك لا بُدَّ من الاستمرار بتذكيرهم وعدم تركهم؛ لأنَّ الإنسان وإن كان عالمًا بمواطن الخطر إلا أنّه ربما يغفل، وكم من شبابٍ معتدلين أسوياء في غفلةٍ من أنفسهم قد انساقوا للشهوات ووقعوا في وحل الانحراف، أو أغرتهم بعض الفئات المشبوهة بأفكارها التي في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، حتى أوقعتهم في شباكها. علاوةً على ذلك، فإنَّ للصحبة والخلة تأثيراً فاعلاً على الأخلاق والسلوك سلبًا وإيجابًا؛ فالمرء على دين خليله. وأصحاب الشر والفساد حريصون على إفساد غيرهم حتى تقوى شوكتهم ويتسع نفوذهم، فيعملون على استمالة من يرونه سهل الانقياد والإذعان لهم، ويُظهرون له المودة والمحبة حتى يطمئن إليهم، ثم يبدؤون في تعتيم أفكارهم. كما أنَّ للمؤسسات التربوية عمومًا -وأهمها المنزل والمدرسة والمسجد- دورًا كبيرًا في التوجيه والإرشاد وأهمها الأسرة التي تحتضن الشاب مدةً طويلة من حياته. وأيُّ تقصيرٍ في تنشئةِ الفردِ هو مسؤولية من الأبوين معًا، وسيتحملان عواقبه، فكم من الآباء من يشكون عزلة ولدهم عنه وعدم تواصله معهم، وتمضي الشهور بل الأعوام وهو لا يعلم عنهم شيئًا. بودي هنا ذكر نموذجيين لشابين من واقع الزمن المعاصر، الأول انجرف مع التيارات المُضللة مع أنّه من عائلةٍ مؤمنةٍ! وكان قد عاش في أسرةٍ صغيرةٍ مع والده وأمه وإخوانه هو الأخ الأكبر فيها، وكان الأبُ مشغولًا من ساعات الصباح الأولى وحتى المساء بعمله، والأمُّ منشغلةً بأعمال المنزل ومهنة الخياطة التي تُساعد بها زوجها لتوفير حياة هانئة. ولم يُدركوا أنّ أطفالهما بحاجة إلى شيءٍ آخر غير الطعام والشراب، ألا وهو بثّ القيم والأفكار الإيجابية من خلال التربية الإسلامية الصحيحة. ومرت الأيام والسنون وبلغ هذا الولد من العمر ثمانِ عشرة سنة، وفي تلك الفترة كانت وسائل الاتصال في أوجها، وقد وفّر الأبوان له غرفة خاصة به تحتوي على جهاز حاسوب مرتبط بشبكة الإنترنت، وكان هذا الشاب ينام نهارًا ويستيقظ ليلًا ليقضي وقته أمام شاشة جهازه مع الأصدقاء الافتراضيين من كافة أنحاء العالم، وهم يبثون سمومهم وأفكارهم في عقله بعيدًا عن نظر أبويه المشغولين في كسب المعيشة، فغاب الرقيب والحسيب عن ذلك الشاب. وبمرور الأيام تشرَّب هذا المراهق الأفكار والمفاهيم المدسوسة له من قبل أصدقائه الافتراضيين الذين كان كلُّ همِّهم هو السعي لانحراف هذا الشاب عن جادة الصواب، فصار الشاب يعتقد بمعتقداتهم البعيدة كلّ البعد عن القيم الإسلامية. في بادئ الأمر كان يدخل الشاب في حواراتٍ ومناقشاتٍ مع أقربائه عن حقيقة وجود الله (تعالى) والتشكيك بالنبوة والإمامة وإلى غير ذلك، كما أنّ معاملته مع أهلِه أصبحت سيئةً جدًا. وقد لاحظ الجميع هذا التغيير في شخصية هذا الشاب، فحاول أهله وأقرباؤه أنْ ينتشلوه من المستنقع الذي سوف يؤدي به إلى الهاوية، لكن لات حين مناص فلقد اقتنع بالمفاهيم الخاطئة عن الدين، وبات لا يكترث إلى ما يقوله أهله، والأكثر من ذلك أنّه يعتبرهم أناسًا جهالًا يعتقدون بأفكار ليس لها صحة! واستمر الأمر هكذا إلى أنْ كشف الشاب عن فكره الإلحادي بشكلٍ علني، والتخلي عن كلِّ مبادئ الإسلام التي يعتبرها خرافات وغادر بلاده إلى أحدِ البلدان الغربية في فترةٍ فتحت بعض البلدان أبوابها للجوء، فهبَّ إلى ترك الوطن وغادر إلى دول الغرب التي هي في منظوره دول متحررة من سلطةِ العبودية، وتدعو الإنسان إلى نبذِ كلِّ المعتقدات السلبية. وبات الأبوان يقلبون أكفهم حسرةً وندمًا على ما فرّطوا في ولدهم الذي ضاع في مهبِّ الأعاصير. وكلُّ ما ذكرته هو واقعٌ قد وقع فعلًا، وما هي إلاِ واحدةٌ من آلافِ القصص التي يعيشها بلدنا الحبيب؛ والسبب في ذلك يعود إلى الحملة الشعواء التي يشنُّها الغرب لزعزعة عقيدةِ الناس بدينِهم. فحرب أعداء الإسلام الثقافية لم تقتصر على إشاعة الفواحش فحسب، بل انتقلت إلى ما هو أخطر من ذلك وهو التشكيك بوجود الله (تعالى). فالحذر كلّ الحذر -والكلامُ موجهٌ إلى كلِّ عائلةٍ فيها أفراد شباب ومراهقون- من هذه الهجمة الشرسة؛ لنتقيَ الله (تعالى) في أبنائنا وفي أسرنا، ونكون كما أرادنا أنْ نكون. قال (تعالى): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(6)"[التحريم6] يجب علينا كمربين مراقبة أولادنا والحرص على مصاحبتهم، وعدم السماح لهذه الأجندة بالعبث في عقولهم الفتية, فضعيف الإيمان سرعان ما ينخرط ودون توقفٍ في دواماتِ الشرك، خصوصًا إنْ لم يكن متحصنًا بحصن المعرفة. كما يجب على الباحثين والمفكرين السعي إلى محاربة تلك الآفة من خلال المؤتمرات والحوارات؛ لتقوية معتقدات الشباب، وجذبهم وتعليمهم كيفية حلِّ الإشكالات العقائدية التي تُبَثُّ إليهم من خلال الرجوع إلى أهل العلم حال تعرضهم إلى مسألةٍ عن نكران حقيقة وجود الله (تعالى)، أو عن الأدلة على وجوده (سبحانه)، وحقيقة أصل النبوة و الإمامة؛ فغالبًا ما يواجه الشاب غير المتعلم صعوبةً في الإجابة عنها، فتؤدي به إلى الإبحار في الأفكار المنحرفة دونما توقف. ومن المفيد جدًا وضع مناهجَ دراسيةٍ في المدارس والجامعات، تغني الطالب بتعاليم ومبادئ السماء من خلال تعليم العقائد والأخلاق لكلِّ الاختصاصات؛ ليكونوا قادرين على الرد على الشبهات التي يُثيرها الغرب ضد الإسلام، ومواجهة التطرف. إذ يُعدُّ التطرف تحديًا كبيرًا يواجهه عالمنا العربي والإسلامي خلال المرحلة الحالية من تاريخه، إذ تحاول بعض الجماعات المتطرفة احتكار الحديث باسم الدين الإسلامي، عبر شعاراتٍ زائفة، تقدِّم صورةً مشوّهة عن هذا الدين ومبادئه التي تحثّ على التسامح والتعايش. كما تروّج في الوقت ذاته للصدام والصراع ورفض الآخر، وهو ما أسهم في انتشار الأفكار المتطرفة التي تغذّي العنف وتبرّر اللجوء إلى الإرهاب. فأصبح من الضروري التحرك لمواجهة هذه الهجمةِ الشرسة التي تواجه ديننا الإسلامي الحنيف من جانبِ هذه الجماعات التي تتاجر بالدين، وتنشر الفكر المتطرف وتغذّي العنف في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بشكلٍ عام والشباب والمرهقين بشكلٍ خاص . أما النموذج الثاني الذي أودُّ ذكرَه، فهو شخصيةٌ مغايرةٌ للشخصية الأولى تمامًا، هو أيضًا شابٌ مراهقٌ لكنّه اتجه إلى اتجاهٍ آخر، واقتدى بشخصيةٍ إسلاميةٍ فاضلة كان لها الفضل في بقاء الإسلام وقيمه وتعاليمه السمحاء. اسم هذا الشاب (مثنى قاسم الكلابي)، يبلغ من العمر ستة عشر ربيعًا، يسكن في قريةِ النعمانية في محافظة واسط، يدرسُ في المرحلة الإعدادية في إحدى مدارس النعمانية، لكنه كان يُمنّي نفسه دائمًا بالشهادة ويخطُّ هذه الجملة على كتبِه المدرسية (الشهيد البطل مثنى قاسم الكلابي)، خصوصًا بعد سماعة لفتوى المرجعية الرشيدة التي حثّت الشباب على الالتحاق بجبهاتِ القتال للدفاعِ عن الأرض والعرض والمقدسات. تقول أم الشهيد مثنى إنّها حاولتْ منعه كثيرًا لتصدَّه عن هذا القرار، ألا وهو قرار الالتحاق بجبهات القتال لكن دون جدوى، فقد كان مصرًا ولم يكن بيدها سوى الموافقة على أنْ ترسل ولدها إلى سوح العزة والشرف. وفعلًا انطلق وقد ملأتِ الأفراحُ قلبه. التحق في قاطع (بيجي) مُصرًا على نيل الشهادة، حتى نالها، فتشرف به أهله ومدينته، وسُميَّت المدرسةُ التي كان يدرس فيها باسمه. اقتدى مثنى بشبلِ سيد شباب أهل الجنة القاسم بن الحسن (عليهما السلام)، وسطَّر ملاحمَ البطولة والولاء على سواتر الشرف مدافعًا عن أرضه، مُلبيًا لنداء مرجعيته الرشيدة.
اخرى
كيف نتعامل مع إخفاق الطفل؟
يدخل الطفل بدوامة من الصراع مع نفسه أثناء شعوره بالإخفاق بعمل ما، فالطفل الذي يخفق بعمل ما فإنه سيشعر بالانكسار النفسي مالم يتدخل الأهل أو المربي في إرجاع ثقته بنفسه من جديد، فمثلا لو حاولنا تعليم الطفل سياقة الدراجة الهوائية لعدة مرات ولم تفلح محاولاتنا معه، فمن المؤكد أن الطفل هنا سينتابه شعور سيئ حول نفسه يكمن في عدم قدرته على تعلم سياقة الدراجة، ولو أن الطفل أخفق في مادة الرياضيات مثلاً في أول امتحان له فإنه سيشعر بحالة من فقدان الأمل وباليأس، ويفكر بينه وبين نفسه بترك الدراسة والتعليم خصوصاً إذا لاقى ملامة من والديه أو معلميه! لذلك يجب الانتباه جيداً لطريقة معاملة الطفل بعد الإخفاق بعمل ما، لأن الموضوع حساس جداً ويتطلب التصرف بشكل سليم وحكيم للنهوض بثقة الطفل وإرجاعه إلى الطريق الصحيح، إذ إن التفكير في الإخفاق يدفع بالنفس الى الاستسلام والخضوع وعدم المحاولة من جديد، لذلك توجب علينا أن نلتفت جيداً إلى هذا الجانب، والنقطة الاساسية في هذا الجانب هو إرجاع وشحن الطفل بطاقة ايجابية لزيادة مشاعر الحماس والقوة من جديد للوصول إلى حالة الاتزان السابقة. هناك نوعان من طرق التعامل مع اخفاق الطفل، يمارس الأهل والمعلمين إحداهما عادة: النوع الأول من المربين هم من يتصرفون مع إخفاق الطفل باللوم والتقريع والنقد والتجريح والمقارنة والتوبيخ واطلاق مختلف الصفات السلبية على الطفل كالغبي، والفاشل، وانك لا تنفع لفعل شيء ، واختك افضل منك ، و و و... وهذا ما يزيد الطين بلة حيث سيسبب حالة من فقدان الثقة بشكل أكبر وهبوطها الى اقل مستوى ، وهذا ما يسبب إحباطاً ويأساً أكثر، والخطأ الذي يرتكبه الاهل هنا هو ظنهم بان مثل هذه الاساليب السلبية هي محفزات ومثيرات للطفل مما يوقعهم في التخبط والفوضى ، ويجعلهم يساهمون في فقدان الطفل لثقته بنفسه وبأهله. أما النوع الثاني من المربين ( الأب والأم والمعلم) فانهم يتصرفون بشكل إيجابي وبمرونة اكثر مما يدفع بالطفل الى ارجاع ثقته بنفسه وزيادة تقديره لذاته وهذا ما يُرجع البسمة والحماس في نفسه ، فالتشجيع والمديح المتزن يفعل الكثير، لأنه يرفع من معدل هرمون الدوبامين في الجسم ويخفض هرمون الضغط النفسي ( الكورتزول ) مما يجعل النفس تشعر بالارتياح النفسي والهدوء والقدرة على المحاولة مرة أخرى وهذا ما نريده بالضبط، فلو انتاب الطفل شعور إيجابي بالمحاولة مرة أخرى فإننا نقوم بإعطائه فرصة ثانية للنجاح ، ويجب هنا ان نتحلى بالصبر والروية، فهي اهم نقطة في الطريق الصحيح. ويجب علينا كآباء وامهات ومعلمين ان نجعل الطفل يشعر بأن إخفاقه في فعل شيء ما، هو أمر طبيعي وأنه يحصل للجميع ، وأن باستطاعته النجاح في المرة القادمة مستخدمين التشجيع والمديح في تحفيزه لزياده حماسه وطاقته. إن المربي الواعي هو من يستطيع ان يعلم أبناءه وطلابه كيفية التعامل مع مختلف الظروف والتحديات ، وليس ذاك الذي يضرب ويشتم ويصرخ عاليا !! فالذي يفتقد الى المهارات والاساليب التربوية لا يمكنه ان يعلم الاطفال لأنه يحتاج الى تعليم وتربية من جديد، ففاقد الشيء لا يعطيه! والخلاصة أننا نحتاج الى عدة خطوات للتعامل مع إخفاق الطفل: ١- أن نجعل الطفل يشعر بأن الإخفاق في هذه المرة لا يعني عدم نجاحه في المرة القادمة ويمكن ان نضرب له الامثال في كبار المخترعين الذين جربوا آلاف التجارب قبل نجاحهم، فهذا التوضيح يزيد من قناعته وايمانه بذاته. ٢- أن نبتعد عن الانفعال العاطفي السلبي مع الطفل فلا نظهر الحزن واليأس لكي لا يشعر بالفشل بل يجب علينا ان نتعامل بحكمة مع الأمر ليتعلم الطفل منا كيف يواجه هذا الموقف مرة اخرى. ٣- أن ندعم الطفل بالمديح والتشجيع المتزن، فمثلا نقول له ( انت تستطيع ان تفعل هذا الشيء انا واثق منك ، انا متأكد من نجاحك في المرة القادمة) فمثل هذه الكلمات تساعده في ارجاع الثقة اليه مرة اخرى وتجعله يحافظ على رباطة جأشه وهذا ما يحفزه الى اعاده المحاولة والتجربة مرة أخرى، لأنه سيتأكد انه سيلاقي الدعم الايجابي النفسي من اهله وهذا ما نطلب فعله من جميع الاخوة الاباء والامهات والمعلمين. قاسم المشرفاوي
اخرىالتعليقات
يتصدر الان
لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع
يستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي
اخرىبين طيبة القلب وحماقة السلوك...
خلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي
اخرىلا تقاس العقول بالأعمار!
(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي
اخرىالطلاق ليس نهاية المطاف
رحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي
اخرىالمرأة في فكر الإمام علي (عليه السلام)
بقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.
اخرىأساليب في التربية
عالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي
اخرى